أعلنت هيئة الرقابة الإدارية المصرية عن اعتقال مسؤولين رفيعي المستوى في مشروع حكومي كبير بتهمة الرشوة والتزوير، مما يُعد خطوة جريئة في حملة مكافحة الفساد الشاملة التي أطلقتها الدولة مؤخرًا. الاعتقالات، التي جاءت يوم 16 نوفمبر 2025، تشمل مديرًا تنفيذيًا وثلاثة موظفين آخرين في مشروع إنشاء مجمع سكني حكومي، حيث بلغت قيمة الرشاوى المكتشفة أكثر من 5 ملايين جنيه.
تفاصيل الاعتقالات وآلية التحقيق
بدأت التحقيقات بعد بلاغ من موظف داخلي، كشف عن تورط المعتقلين في منح عقود وهمية لمقاولين مقابل رشاوى مالية، مما أدى إلى تضرر المشروع بنسبة 20% من ميزانيته البالغة 200 مليون جنيه. أكدت هيئة الرقابة أن الاعتقالات جاءت بعد مداهمات مفاجئة لمكاتب المشروع في القاهرة، مع ضبط وثائق مزورة وأموال نقدية، وتم حبس المتهمين لمدة 15 يومًا احتياطيًا. المدعي العام المستشار محمد عبد الجواد أمر بتوسيع التحقيق ليشمل شركات طرف ثالث، مع التركيز على كشف شبكات الفساد في القطاع العقاري.
هذه العملية جزء من حملة أوسع أطلقتها هيئة الرقابة في أكتوبر 2025، شملت 47 اعتقالًا في قضايا فساد إداري، مع التعاون مع جهاز المخابرات العامة لمراقبة المشاريع الحكومية. الرئيس عبد الفتاح السيسي أشاد بالجهود في تصريح سابق، مشددًا على أن مكافحة الفساد “خط أحمر” لضمان الشفافية في الإنفاق العام.
السياق الأوسع: حملة مكافحة الفساد في مصر
تأتي هذه الاعتقالات في أعقاب تفعيل القانون الجديد لمكافحة الفساد (رقم 106 لسنة 2013 المعدل)، الذي يفرض عقوبات تصل إلى 15 عامًا سجنًا مع غرامات ضعف قيمة الرشوة. منذ يناير 2025، سجلت الهيئة أكثر من 1,200 قضية فساد، بتضرير يتجاوز 10 مليارات جنيه، مع التركيز على القطاعات الحكومية مثل البناء والصحة. التقارير الدولية، مثل مؤشر الشفافية الدولية، أشادت بتحسن ترتيب مصر من 108 إلى 95 عالميًا في 2025.
ومع ذلك، يُشير خبراء إلى أن التحدي يكمن في الوقاية، مع دعوات لتعزيز الرقابة الإلكترونية على المشتريات الحكومية وتدريب الموظفين. المركز المصري لحقوق الإنسان وثّق أن 30% من القضايا تتعلق بمشروعات بنية تحتية، مما يبرز الحاجة إلى إصلاحات هيكلية.
التأثيرات والتوقعات المستقبلية
من المتوقع أن تُعيد هذه الاعتقالات الثقة في إدارة المشاريع الحكومية، مع صرف أموال المضبوطة لاستكمال العمل في المجمع السكني الذي يستهدف 5,000 وحدة سكنية. رئيس الهيئة الدكتور محمد كيلاني أعلن عن خطة لكشف 100 قضية إضافية بحلول نهاية العام، مع التعاون الدولي لتتبع الأموال المسروقة. في الختام، تمثل هذه الإجراءات دليلًا على التزام مصر ببناء دولة النزاهة، مع التركيز على العدالة لتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
