التصنيف: الفئة 4

استخدم هذا الوصف لإخبار المستخدمين بنوع منشورات المدونة التي يمكنهم العثور عليها في هذه الفئة.

  • “وصفة” المناخ الريادي: كيف “طبخت” الدولة المصرية نظاماً بيئياً جديداً؟

    “وصفة” المناخ الريادي: كيف “طبخت” الدولة المصرية نظاماً بيئياً جديداً؟


    مقدمة: (ملاحظة الشيف)

    لعقود، كان “الطبق” الاقتصادي الرئيسي في مصر هو “الوظيفة الحكومية” أو “العمل في القطاع الخاص التقليدي”. كانت “وصفة” آمنة، ومجربة، ومحدودة النكهة.

    لكن مع “تضخم” عدد السكان (أكثر من 100 مليون نسمة) وتغير “أذواق” الجيل الجديد (المتصل رقمياً)، أصبحت هذه “الوصفة” القديمة غير كافية.

    أدركت الدولة المصرية (بصفتها “الشيف” الرئيسي) أن الوقت قد حان لتقديم “طبق” جديد: “ريادة الأعمال المبتكرة”.

    لكن “طبخ” مناخ ريادي (Ecosystem) ليس بالأمر السهل. إنه ليس “مكوناً” واحداً، بل هو “وصفة” معقدة تتطلب “مكونات” دقيقة، و”حرارة” مناسبة، و”توقيتاً” صحيحاً.

    إليكم “الوصفة” التي استخدمتها الدولة لـ “طهي” هذا المناخ الجديد.


    1. المكون الأول: “الأساس” (The Base) – (البنية التحتية)

    لا يمكنك “الطبخ” بدون “مطبخ” مجهز.

    • ما تم فعله: “الأساس” في عالم ريادة الأعمال هو “الاتصال”. لهذا، ضخت الدولة استثمارات هائلة في “البنية التحتية للاتصالات”، ورفع كفاءة الإنترنت.
    • الخطوة الثانية في “المطبخ”: تجهيز “المحطات”. بدلاً من ترك المبتكرين “يطبخون” في منازلهم، دعمت الدولة (بشكل مباشر وغير مباشر) إنشاء “محطات العمل” (Workstations):
      1. الحاضنات التكنولوجية (TIEC): التابعة لوزارة الاتصالات، والتي تعمل كـ “المحضن” الأول للأفكار التقنية.
      2. مساحات العمل المشتركة (Co-working Spaces): تسهيل انتشارها لتكون “المطابخ” المفتوحة التي يجتمع فيها المبتكرون.

    2. المكون الثاني: “البروتين” (The Protein) – (التمويل)

    “الطبق” لا يشبع بدون “بروتين”. والأفكار لا تنمو بدون “تمويل”.

    • ما تم فعله: “البروتين” كان نادراً ومكلفاً. الدولة تدخلت كـ “مورد” و”محفز”:
      1. “التحفيز” (Stimulation): إطلاق صناديق استثمار جريء حكومية (مثل “إيجيبت فنتشرز” Egypt Ventures) التي لا تهدف فقط للربح، بل “لتحفيز” القطاع الخاص. إنها “المكون” الذي يقول لباقي المستثمرين: “هذا الطبق آمن، ادخلوا معنا”.
      2. “التنويع”: دعم “صناديق الاستثمار الجريء” (VCs) الخاصة، وتشجيع “المستثمرين الملائكيين” (Angel Investors)، لخلق “مصادر بروتين” متنوعة تناسب كل مرحلة (من البذرة إلى النمو).

    3. المكون الثالث: “البهارات التشريعية” (The Legislative Spices)

    هذا هو المكون “السحري” الذي يغير “النكهة” بالكامل. “الوصفة” القديمة كانت “سيئة المذاق” بسبب “البهارات” الخاطئة (قوانين قديمة).

    • ما تم فعله: إضافة “نكهات” جديدة وحذف القديمة.
      1. إزالة “الطعم المر” (قانون الإفلاس): التعديلات الجديدة في “قانون الإفلاس” (إعادة الهيكلة) كانت “البهار” الأهم. لقد أزالت “وصمة العار” (والسجن) عن “الفشل”. أصبح بإمكان رائد الأعمال “الفشل” (وهو جزء طبيعي من “الطبخ”) والبدء من جديد.
      2. “تسهيل الطهي” (قوانين الشركات): تسهيل إجراءات “تأسيس” الشركات الناشئة، والسماح بنماذج جديدة للشركات.
      3. “حماية الوصفة” (الملكية الفكرية): تعزيز قوانين “حماية الملكية الفكرية” لتشجيع المبتكرين على “مشاركة” وصفاتهم دون خوف من السرقة.

    4. المكون الرابع: “الحرارة” (The Heat) – (الثقافة والتعليم)

    “المكونات” الباردة لا تصنع “طبقاً”. أنت بحاجة إلى “الحرارة” (الثقافة) لدمجها.

    • ما تم فعله: “رفع درجة الحرارة” الثقافية تجاه ريادة الأعمال.
      1. “التسخين” من القاعدة: إدخال “مسابقات” ريادة الأعمال (مثل “ابدأ” وغيرها) و”برامج” ريادة الأعمال في “الجامعات”.
      2. “النار العالية” (الإعلام): الاحتفاء “بقصص النجاح” (مثل فوري، سويفل، حالاً). هذا “الاحتفاء” الإعلامي (المدعوم من الدولة) يغير “العقلية” (Mindset) للجيل الجديد من “أريد أن أكون موظفاً” إلى “أريد أن أكون مبتكراً”.

    النتيجة: (التقديم)

    “الطبق” الآن يُقدم. “المناخ الريادي” المصري أصبح “الأكثر سخونة” في أفريقيا والشرق الأوسط من حيث “عدد الصفقات” لسنوات متتالية.

    هل “الوصفة” اكتملت؟ لا. لا يزال “الطبق” بحاجة إلى “ضبط الملح” (تقليل البيروقراطية)، والمزيد من “البروتين” عالي الجودة (تمويلات المراحل المتقدمة). لكن “المطبخ” (The Kitchen) الآن مفتوح، وجاهز، ومجهز بالكامل.

  • الإسكندرية رئة الاقتصاد المصري

    الإسكندرية رئة الاقتصاد المصري

    (14 نوفمبر 2025، على كورنيش الإسكندرية)

    أنا أكتب هذه الكلمات الآن وأنا أنظر إلى البحر.

    لكن ما أراه ليس مجرد “بحر” أزرق تراه في الصور السياحية. ما أراه من هنا هو “شريان” حيوي لا يتوقف عن النبض. أرى سفن الحاويات العملاقة تصطف في الأفق، تنتظر دورها للدخول إلى “رئة” مصر.

    نحن نميل، عند تحليل الاقتصاد المصري، إلى التركيز على “القاهرة” باعتبارها “العقل” و”المركز” الإداري. وهذا صحيح. لكن ما تدركه عندما تقف هنا، في الإسكندرية، هو أن القاهرة “لا تتنفس” بدون هذه المدينة.

    أهمية الإسكندرية للاقتصاد المصري ليست “تاريخية” أو “ثقافية” فحسب. أهميتها “وظيفية” و”حيوية”. إنها ليست “العاصمة الثانية” كلقب شرفي؛ إنها، بالمعنى الحرفي، “الشريان الأبهر” للجسد المصري.


    1. “البوابة” (The Gateway): المحرك اللوجستي

    دعونا نتوقف عن “الشعر” ونتحدث “بالأرقام”. ما أراه أمامي هو “ميناء الإسكندرية” و”ميناء الدخيلة” المجاور له. هذان الميناءان معاً (ومع ميناء أبو قير) لا يتعاملان مع “جزء” من تجارة مصر الخارجية. هما يتعاملان مع “الأغلبية الساحقة” منها (أكثر من 60-70% حسب الإحصائيات).

    ماذا يعني هذا؟ هذا يعني أن “رغيف الخبز” الذي يأكله المواطن في أسوان، “القمح” الخاص به مر من هنا. “السيارة” التي تُركب في القاهرة، “أجزاؤها” دخلت من هنا. “المواد الخام” التي تشغل “مصانع” المحلة، تم تفريغها هنا. “الصادرات” المصرية (من البرتقال إلى الملابس)، “سُفّرت” إلى العالم من هنا.

    إذا توقفت “هذه” البوابة عن العمل ليوم واحد، يصاب “الجسد” المصري كله بالشلل. لا يوجد موقع آخر في مصر يمتلك هذه “الأهمية الاستراتيجية” الفورية.


    2. “العمود الفقري” (The Backbone): القلعة الصناعية

    الخطأ الشائع هو رؤية الإسكندرية كـ “شاطئ” فقط. لكن “الإسكندرية الحقيقية” اقتصادياً تقع “خلف” هذا الكورنيش الجميل. في (العامرية، وبرج العرب، والمناطق الصناعية المحيطة).

    هذه المدينة ليست “منتجعاً”، إنها “ورشة” عمل ضخمة.

    إنها عاصمة مصر في:

    • البتروكيماويات: (قلب صناعة البلاستيك والأسمدة في مصر).
    • الصناعات الثقيلة: (الحديد والصلب).
    • الصناعات الغذائية والنسيجية: (بسبب قربها من الدلتا ومن الميناء).

    هذا “العمود الفقري” الصناعي لا يخدم “الإسكندرية” فقط، بل يغذي “القاهرة” وباقي المحافظات. إنها “المصنع” الذي يقف بجوار “الميناء”.


    3. “الجاذبية” (The Gravity): المركز السكاني والتجاري

    أخيراً، هذه المدينة ليست مجرد “ميناء” و”مصنع”. إنها “مركز جاذبية” لـ 5 إلى 6 ملايين نسمة (وتخدم الـ 20 مليوناً في غرب ووسط الدلتا).

    هذا “الحجم” السكاني يخلق “اقتصاداً” داخلياً هائلاً: (سوق عقاري ضخم، خدمات صحية وتعليمية لا مركزية (جامعة الإسكندرية)، وسوق تجاري هائل).

    إنها “القاهرة الثانية” فعلياً من حيث “القوة الاستهلاكية” و”الكثافة البشرية”. هي “تخفف” الضغط عن العاصمة، وتعمل “كمركز” اقتصادي مستقل ومكتفٍ ذاتياً إلى حد كبير.


    (الخاتمة: العودة إلى البحر)

    الهواء الذي أتنفسه الآن على الكورنيش ليس مجرد “يود”. إنه “رائحة” التجارة، والديزل، وحركة الحاويات.

    لذا، عندما نحلل “الاقتصاد المصري”، يجب أن نتذكر: القاهرة هي “العقل” الذي يخطط، لكن الإسكندرية هي “الرئة” التي تتنفس، وهي “القلب” الذي يضخ “البضائع” (الدم) إلى كل ركن في البلاد.

    أهميتها ليست “جزءاً” من الاقتصاد. إنها “الشرط” المسبق لعمله.