“وصفة” المناخ الريادي: كيف “طبخت” الدولة المصرية نظاماً بيئياً جديداً؟


مقدمة: (ملاحظة الشيف)

لعقود، كان “الطبق” الاقتصادي الرئيسي في مصر هو “الوظيفة الحكومية” أو “العمل في القطاع الخاص التقليدي”. كانت “وصفة” آمنة، ومجربة، ومحدودة النكهة.

لكن مع “تضخم” عدد السكان (أكثر من 100 مليون نسمة) وتغير “أذواق” الجيل الجديد (المتصل رقمياً)، أصبحت هذه “الوصفة” القديمة غير كافية.

أدركت الدولة المصرية (بصفتها “الشيف” الرئيسي) أن الوقت قد حان لتقديم “طبق” جديد: “ريادة الأعمال المبتكرة”.

لكن “طبخ” مناخ ريادي (Ecosystem) ليس بالأمر السهل. إنه ليس “مكوناً” واحداً، بل هو “وصفة” معقدة تتطلب “مكونات” دقيقة، و”حرارة” مناسبة، و”توقيتاً” صحيحاً.

إليكم “الوصفة” التي استخدمتها الدولة لـ “طهي” هذا المناخ الجديد.


1. المكون الأول: “الأساس” (The Base) – (البنية التحتية)

لا يمكنك “الطبخ” بدون “مطبخ” مجهز.

  • ما تم فعله: “الأساس” في عالم ريادة الأعمال هو “الاتصال”. لهذا، ضخت الدولة استثمارات هائلة في “البنية التحتية للاتصالات”، ورفع كفاءة الإنترنت.
  • الخطوة الثانية في “المطبخ”: تجهيز “المحطات”. بدلاً من ترك المبتكرين “يطبخون” في منازلهم، دعمت الدولة (بشكل مباشر وغير مباشر) إنشاء “محطات العمل” (Workstations):
    1. الحاضنات التكنولوجية (TIEC): التابعة لوزارة الاتصالات، والتي تعمل كـ “المحضن” الأول للأفكار التقنية.
    2. مساحات العمل المشتركة (Co-working Spaces): تسهيل انتشارها لتكون “المطابخ” المفتوحة التي يجتمع فيها المبتكرون.

2. المكون الثاني: “البروتين” (The Protein) – (التمويل)

“الطبق” لا يشبع بدون “بروتين”. والأفكار لا تنمو بدون “تمويل”.

  • ما تم فعله: “البروتين” كان نادراً ومكلفاً. الدولة تدخلت كـ “مورد” و”محفز”:
    1. “التحفيز” (Stimulation): إطلاق صناديق استثمار جريء حكومية (مثل “إيجيبت فنتشرز” Egypt Ventures) التي لا تهدف فقط للربح، بل “لتحفيز” القطاع الخاص. إنها “المكون” الذي يقول لباقي المستثمرين: “هذا الطبق آمن، ادخلوا معنا”.
    2. “التنويع”: دعم “صناديق الاستثمار الجريء” (VCs) الخاصة، وتشجيع “المستثمرين الملائكيين” (Angel Investors)، لخلق “مصادر بروتين” متنوعة تناسب كل مرحلة (من البذرة إلى النمو).

3. المكون الثالث: “البهارات التشريعية” (The Legislative Spices)

هذا هو المكون “السحري” الذي يغير “النكهة” بالكامل. “الوصفة” القديمة كانت “سيئة المذاق” بسبب “البهارات” الخاطئة (قوانين قديمة).

  • ما تم فعله: إضافة “نكهات” جديدة وحذف القديمة.
    1. إزالة “الطعم المر” (قانون الإفلاس): التعديلات الجديدة في “قانون الإفلاس” (إعادة الهيكلة) كانت “البهار” الأهم. لقد أزالت “وصمة العار” (والسجن) عن “الفشل”. أصبح بإمكان رائد الأعمال “الفشل” (وهو جزء طبيعي من “الطبخ”) والبدء من جديد.
    2. “تسهيل الطهي” (قوانين الشركات): تسهيل إجراءات “تأسيس” الشركات الناشئة، والسماح بنماذج جديدة للشركات.
    3. “حماية الوصفة” (الملكية الفكرية): تعزيز قوانين “حماية الملكية الفكرية” لتشجيع المبتكرين على “مشاركة” وصفاتهم دون خوف من السرقة.

4. المكون الرابع: “الحرارة” (The Heat) – (الثقافة والتعليم)

“المكونات” الباردة لا تصنع “طبقاً”. أنت بحاجة إلى “الحرارة” (الثقافة) لدمجها.

  • ما تم فعله: “رفع درجة الحرارة” الثقافية تجاه ريادة الأعمال.
    1. “التسخين” من القاعدة: إدخال “مسابقات” ريادة الأعمال (مثل “ابدأ” وغيرها) و”برامج” ريادة الأعمال في “الجامعات”.
    2. “النار العالية” (الإعلام): الاحتفاء “بقصص النجاح” (مثل فوري، سويفل، حالاً). هذا “الاحتفاء” الإعلامي (المدعوم من الدولة) يغير “العقلية” (Mindset) للجيل الجديد من “أريد أن أكون موظفاً” إلى “أريد أن أكون مبتكراً”.

النتيجة: (التقديم)

“الطبق” الآن يُقدم. “المناخ الريادي” المصري أصبح “الأكثر سخونة” في أفريقيا والشرق الأوسط من حيث “عدد الصفقات” لسنوات متتالية.

هل “الوصفة” اكتملت؟ لا. لا يزال “الطبق” بحاجة إلى “ضبط الملح” (تقليل البيروقراطية)، والمزيد من “البروتين” عالي الجودة (تمويلات المراحل المتقدمة). لكن “المطبخ” (The Kitchen) الآن مفتوح، وجاهز، ومجهز بالكامل.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *